توضح دراسات صادرة مؤخراً عن «مركز الوقاية
والتحكّم في الأمراض» بأميركا وجود بكتيريا معيّنة
في جهاز الهضم قد تتسبّب في زيادة الوزن أو تصعّب
من إنقاص بعض الأرطال الزائدة منه، وتؤكّد أن بعض
أنواع البكتيريا أفضل في هضم الغذاء، فيما بعضها
الآخر سيّئ لقدرته على تخزين الدهون وامتصاص
المزيد من السعرات الحرارية. وقد يعزى هذا الأمر
إلى الجراثيم الموجودة في بطانة جهاز الهضم والتي
تعمل على تحويل عدد من السعرات الحرارية
المكتسبة إلى دهون.
تكشف دراسة حديثة أشرف عليها باحثون في كلية
الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس أنّ ثمّة
علاقة بين السمنة والبكتيريا الموجودة في الأمعاء،
وتؤكّد وجود مجموعتين رئيستين من البكتيريا واللتين
تمثّلان %90 من تلك الموجودة في الأمعاء البشرية،
وهما: البكتيريا النافعة أو «البكترويدتس» Bacteroidetes
التي توجد بنسبة أكبر عند النحفاء، والبكتيريا الضارة
أو «الفيرميكوتس» Firmicutes التي ترتفع نسبتها
في أمعاء البدناء. وتذكر دراسة ثانية نشرت في
مجلة «نايتشر» Nature أنه كلّما استطاع البدناء
فقد أوزانهم، كلما ارتفعت نسبة البكتيريا النافعة
(البكترويدتس) في أمعائهم وقلّت البكتيريا الضارة (الفيرميكوتس) فيها، بغضّ النظر عن الحميات التي
يتبعونها.
ومن جهة أخرى، تبيّن أدلة علمية أن الحفاظ على
البكتيريا النافعة في جهاز الهضم يساعد في إنقاص
الوزن، نتيجة الامتصاص الأفضل للغذاء، ما يحدّ من
تخزين الدهون وتعزيز مناعة الجسم.
عوامل مؤثّرة
وثمّة مجموعة من العوامل المؤثّرة في توازن
البكتيريا النافعة وزيادة تلك الضارة في جهاز الهضم
والأمعاء، أبرزها:
نظام الغذاء غير الصحي: يؤكّد خبراء الصحة في
«منظمة الصحة العالمية» أن نظام الغذاء عالي
الدهون ومنخفض الألياف يجعل من الصعب على
الجسم أن يحافظ على توازن وبقاء البكتيريا النافعة
في الأمعاء، إذ يؤدّي تناول الأطعمة الدهنية إلى
إنتاج بيئة معوية غير صحية ترتفع فيها نسبة
السموم والبكتيريا الضارة.
تناول المضادات الحيوية: إنّ الإفراط في تناول
المضادات الحيوية لا يقضي على البكتيريا الضارة
فحسب بل يقتل النافعة أيضاً، ويسبّب خللاً في
جهاز الهضم ويزيد فرصة الإصابة بانتفاخ البطن،
وتعرف هذه الحالة بـ «التهاب القولون الكاذب» الذي
يزول بزوال المضاد الحيوي داخل الجسم.
الطعام في الخارج: يتفق خبراء التغذية على أن
الإكثار من تناول الطعام في الخارج قد يعرّض جهاز
الهضم إلى عدد من الجراثيم والطفيليات المعوية
التي تضرّ بالبكتيريا النافعة في الأمعاء. ويحذّر الخبراء، بصورة عامّة، من تناول الأطعمة المعالجة
وغير العضوية، والتي تتعرّض للرشّ بالمبيدات أو تلك
الملوّثة غير مضمونة المصدر.
المواد الحافظة: يرى الخبراء أنّ الإكثار من تناول الطعام المضاف إليه المواد الحافظة يرتبط بعدد من
الأمراض الخطرة كالسرطان وتصلّب الشرايين
والسكري والسمنة واختلال وظائف جهاز المناعة،
بجانب الإضرار بالبكتيريا النافعة في الأمعاء. وتجدر
الإشارة إلى أن المواد الحافظة تضاف إلى المأكولات
لتطيل مدة صلاحيتها أو فترة تخزينها أو تحسين
مظهرها أو قوامها.
المعزّزات الحيوية
يُعرّف خبراء الصحة المعزّزات الحيوية بأنها بكتيريا
نافعة توجد في الجزء العلوي من جهاز الهضم بشكل
رئيس، ما يساعد على تخفيف مستويات البكتيريا الضارة في الأمعاء، كما تمتاز بقدرتها على التخمّر في الأمعاء وإنتاج «اللاكتوز» وهو «أنزيم» هام لهضم منتجات الألبان، بالإضافة إلى عدد من الفوائد الإيجابية الأخرى، أبرزها:
تقليل استجابات الالتهاب.
تقليل الحساسية ضد بعض المواد الكيميائية
كالألوان الصناعية والمواد المضافة.
تقليل كمية السموم التي تنتجها البكتيريا الضارة
في الأمعاء.
منع العدوى المعوية.
إزالة السموم من الأمعاء الغليظة.
تنظيم عملية الإخراج وطرد الفضلات.
تحسين هضم المواد الغذائية، وخصوصاً «اللاكتوز» أو سكر الحليب.
وثمّة نصائح يوصي بها الخبراء في سبيل تحفيز إنتاج
البكتيريا النافعة في جهاز الهضم، أبرزها:
1 تحسين الوظائف المعوية: يرى خبراء في «منظمة
الصحة العالمية» أنّ «أنزيمات» الهضم والخلل في
مستوى حمضية جهاز الهضم سببان شائعان
مسؤولان عن سوء الهضم، ما يساهم في سوء
امتصاص الغذاء والحساسية لبعض أنواع الطعام
وارتفاع سمّية الجسم والإصابة بالانتفاخ. وثمة أنواع
معيّنة من الأطعمة لا يتمّ هضمها بالكامل، ما يجعلها
تتعفّن أو تتخمّر في الأمعاء، وخصوصاً
«الكربوهيدرات» والتي لا يستطيع الجسم هضمها
بنفسه كما يفعل عند هضم السكريات المعقّدة
(الخضراوات والفاكهة والحبوب). ويخلص العلماء إلى
أنّ إتمام الوظائف المعوية بمساعدة البكتيريا
الصديقة بشكل يومي سوف يحسّن عملية الهضم
وينقص الوزن بشكل طبيعي.
2 الزبادي صديق البكتيريا النافعة: يحتوي الزبادي
على بكتيريا نشطة تعمل على تعزيز عملية الهضم
وتحفيز إذابة الدهون، خصوصاً من منطقة الخصر
والبطن لاحتوائها على نسبة عالية من الكالسيوم،
إذ توضح دراسات حديثة فعالية الكالسيوم في إذابة
الدهون وسرعة التخلّص منها. وتجدر الإشارة إلى أنّ
بسترة الزبادي تقتل البكتيريا المسبّبة للأمراض والتي قد توجد في عملية التصنيع، ما يحدّ من اكتساب السموم الغذائية التي تعوق إنقاص الوزن. ومعلوم أنّ الزبادي المنزلي المعدّ من حليب طبيعي
يحتوي على خمائر وبكتيريا نافعة تساعد على
الهضم وتمنع الانتفاخ والغازات.
3 المكمّلات الغذائية: ثمّة شروط معيّنة يجب أخذها
بعين الاعتبار قبل تناول هذه المكمّلات، على أن يتمّ
الأمر بعد استشارة الطبيب المتخصّص:
أنّ مكمّلات المعزّزات الحيوية في الجسم تفقد
تأثيرها بمرور الوقت، لذا يجب تناول كميات صغيرة
منها على فترات قصيرة لضمان الحصول على
البكتيريا الأكثر حيوية.
أن تُحفظ باردة، حيث أن تخزينها هام في ضمان
فعالية سلالات البكتيريا. وتشير بحوث صادرة عن
«هيئة الغذاء والدواء الأميركية» في هذا الإطار أنّ
درجة الحرارة والرطوبة والضوء والتهوية هي عوامل
مباشرة تدمّر المعزّزات الحيوية في المكمّل. ولذا،
يُنصح بتخزينها في وعاء زجاجي للحدّ من تفاعــل
الأوكسيجين والرطوبة والضوء معها.
أن يحتوي المكمّل الغذائي على ملايين الأعداد من
البكتيريا النافعة، مع ملاحظة أنّ فعاليته في تحسين
الهضم وتقليل الانتفاخ وزيادة القدرة على إنقاص
الوزن تظهر بعد أسبوع إلى أسبوعين.
قد يعاني الجسم في بعض الحالات من سوء هضم
المكمّل الغذائي، لذا يوصى بمنحه أسبوعاً على
الأقل للتكيّف مع مكوّناته والتعوّد عليه.
إنّ أفضل وقت لتناول هذه المكمّلات هو الصباح
الباكر قبل وجبة الفطور، وإن لم يحدث فقبل نصف
ساعة من تناول الوجبة الأخيرة في اليوم.