قاوم التوتر ولا تقبل العمل تحت الضغط
ليس غريباً أبداً أن يُسمى التوتر أو الضغط النفسي بـ"آفة العصر".. فكلّنا يشتكيه ويعانيه.. خاصّة مع ضغوطات العمل والإلتزامات اليومية التي كثيراً ما تضغط على جدول الأعمال، ويشتكي الكثيرون عدم قدرتهم على التوفيق بينها... هل تشعرون وأنتم في العمل بالتعب والإرهاق؟ هل فقدتم تركيزكم وحماستكم؟ هل تشعرون بأنّ مشكلاتكم الصحية الصغيرة تضاعفت؟ كل هذا دون أن تعرفوا لذلك سبباً!!. إذاً انتبهوا، فمن الممكن أن يكون مرد كل ذلك إلى سبب واحد: التوتر..
ومن خلال العديد من التحقيقات واستطلاعات الرأي التي قمنا بها مؤخراً، وجدنا أنّ هناك ثلاثة من أصل أربعة موظّفين، يقولون إنّهم يعانون التوتر، بسبب كثرة العمل والمهام التي عليهم تأديتها، والآجال القصيرة التي عليهم أن يجهزوا فيها مهامهم، وإنّهم مرهقون من متطلّبات زبائنهم التي تزيد يوماً بعد يوم، ومن المهام العاجلة التي يكلّفون بها فجأة.
* العيش تحت الضغط:
الشعور بالتوتر، هو قبل كلّ شيء، ردّة فعل طبيعية إزاء أي وضع جديد. ففي مجتمعاتنا المعاصرة التي تطلب منّا يومياً المزيد والمزيد من الإنتاج، على رغم أنّ هناك بعض الأشخاص الذين يستفيدون من هذا الوضع، نحتاج إلى أوضاع الذروة أو الحالات المستعجلة أو الخلافات أو الصعوبات لنتعلّم تجاوزها والإبداع أكثر في أعمالنا، وفي المقابل هناك آخرون على العكس، سيتصرّفون بعدائية كرد فعل على ما قد يبدو لهم تجاوزاً لمهامهم وإستنزافاً لقدرتهم.
لكن بعيداً عن كل هذا، لننظر للمسألة من زاوية طبية، فإذا ما أصبح التوتر دائماً فهناك تهديد كبير بالإنهيار والسقوط في الإكتئاب، لأنّ التعرّض الدائم للتوتر يجعل الشخص في كل مرّة يتعرّض لنقص في طاقته وأدائه.. لأنّ التوتر يستنزف نظام الإنسان الداخلي الذي يحاول ويسعى جاهداً في كل مرّة للتأقلم مع المحيط وتجاوز مصادر التوتر.. إضافة إلى أنّ هذا يغيّر التوازن العصبي للإنسان وحتى نظام عمل هورموناته، ويؤدِّي إلى انخفاض قدرته على التركيز وعلى الإبداع والإنتاج، إضافة إلى الإنتكاسات النفسية التي تتراوح بين مجرّد إنتكاسات عادية أو أخرى أكثر جدّية والمشكلات القلبية وإرتفاع ضغط الدم..
* مقاومة التوتر:
ما من حل على شكل معجزة لمقاومة التوتر.. فلكي يعيش الإنسان حياته الوظيفية جيِّداً، عليه أن يتقبّل وجود الضغوطات والصعوبات، وأن يحدّدها ويجد لها حلولاً بكل بساطة! كل إنسان لديه طريقته في القيام بذلك، ما من وصفة واحدة أو ثابتة! كل واحد عليه أن يستثمر استراتيجية خاصّة به للقيام بذلك... وفي أغلب الحالات، ليست الوضعية المثيرة للتوتر هي الأهم، لكن القيمة التي نمنحها نحن إياها.
في مرحلة أولى، عليك معرفة الذات ومعرفة كيفية التصرُّف إزاء مواقف بعينها، مثل متى عليك اتّخاذ ردود، أو متى عليك التراجع.. هذه هي الأهم! وهي كلّها أسلحة عليك إكتسابها والتسلح بها لمواجهة الضغط.
ثمّ في ما بعد، ولكي تتعلّم مواجهة التوتر عليك أن تدرك كيف تحلّل الخلافات والمواجهات وتستخرج منها المعطيات الإيجابية، وعليك أن تتعلّم كيف تعطي بُعداً موضوعياً للأشياء، وكيف تكتسب مزيداً من الثقة بالنفس، وكيف تستخلص الدروس من الفشل.
* اعتنوا بأنفسكم:
كثيراً ما يكرّر الخبراء والأطباء هذه النصائح لكن الناس لا ينتبهون إليها ولا إلى ضرورة القيام بتطبيقها.. فالأشياء والعادات، التي هي في الظاهر مسلية أو مخففة للتوتر والملل تتحوّل مع الوقت إلى مصادر للمزيد من التوتر والإجهاد اللذين يزيدا الأمور إلا سوءاً، ولهذا اتّبعوا النصائح التالية:
- تجنبوا التدخين والكافيين والكحول، فمن المعروف أنّها في مراحل أولى تخفّف من التوتر لكنّها مع مضي الوقت تزيد الطين بلة، لأنّها ترفع من حدة توترنا.
- احظوا بتغذية سليمة ومتوازنة، واحرصوا على أن تضيفوا إليها مكمّلات من الفيتامينات.
- أسّسوا لبيئة عائلية محبة وتمتعوا بعلاقات إجتماعية جميلة تثري حياتكم.
- في العمل، تعلموا أن تقولوا لا، وأن تناقشوا وأن تتواصلوا مع الآخرين.
- قدّموا لأنفسكم المتعة، ففي ساعة الغداء، تقاسموا طاولة الطعام خارج مكان العمل، مع أناس تتمتّعون برفقتهم. أما في المساء فقوموا بإستراحة صغيرة في مكان تحبّونه مثل المقهى، قبل أن تعودوا إلى البيت... أو قوموا بجولة أو قوموا بالتسوّق...
- اهتموا بالقيام بهوايات جديدة وبإكتشاف نقاط إهتمام جديدة بالنسبة إليكم فحياتكم لا يجب أن تكون مختزلة في العمل وحسب!
- تعلموا الإسترخاء، والقيام بالتمارين الرياضية مثل الركض واليوغا والسونا، فهي عناصر أساسية ومهمّة للتخفيف من تأثيرات التوتر وضغوط العمل.
- جرّبوا وتعلّموا أن تناموا بطرائق سليمة، دون اللجوء إلى إستعمال المنوّمات. فنوعية النوم اليومي الذي نحظى به تحدّد قدرتنا الجسدية التي سنكون عليها في صبيحة اليوم التالي.
م/ن